معارف الهية ( 61 ) تعريف حقيقة الامام وامامة اهل البيت عليهم السلام الالهية
16/03/2024
الدرس ( 61 ) بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، لازال البحث في تعريف حقيقة الامام عليه السلام وامامة اهل البيت عليهم السلام الالهية ، ومر الكلام في الدرس ( 54) انه لابد من التعرض لبيانات الوحي ليتجلى ذلك التعريف ، واذا رجعنا الى تلك البيانات لوجدناها على طوائف ، تذكر كل طائفة منها بعض خصائص ذلك التعريف وفصوله واجناسه ، وسنذكر ( ان شاء الله تعالى ) ( 13 ) طائفة ، مر الكلام عن الطائفة الاولى في الدرس ( 54 ) ، وعن الطائفة الثانية والثالثة في الدرس ( 55 ) ، وعن الطائفة الرابعة في الدرس ( 56 و 57 ) ، وعن الطائفة الخامسة في الدرس ( 58 ) ، ووصل البحث ( بحمد الله تعالى ) ولا زال في الطائفة السادسة، وكانت تحت عنوان : ( لامامة اهل البيت عليهم السلام اياد خطيرة ومهولة ) ، منها الاسم الاعظم ، وروح القدس ، ولازال الكلام في هذا المبحث الاخير ، ووصل البحث الى المطلب التالي : ثالثاً : بيان الإِمام الصَّادق × : «... فينا روح رسول اللَّـه ’»(1). ودلالة الجميع واضحة ولا غبار عليها ؛ وأَنَّ أَحد الحقائق والفصول والأَركان والأُسس المأخوذة في ماهيَّة وحقيقة الإِمامة الإِلٰهيَّة : (روح القدس) ، أَي : الرُّوح الأَمري ، وهو : حقيقة القرآن ومرتبته الصَّاعدة. وهذا ما يشير إِليه بيان الإِمام موسى بن جعفر ‘ بقوله : «... وإِنَّ اللَّـه يقول في كتابه : [وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى](2)، وقد ورثنا نحن هذا القرآن الَّذي فيه ما تُسيَّر به الجبال ، وتُقَطَّع به البلدان ، وتُحيىٰ به الموتىٰ ...»(3). ومعناه : أَنَّ ارتباط الإِمام × الرُّوحي والغيبي بالسَّاحة الإِلٰهيَّة حبل غيبيٌّ إِبداعيٌّ تكوينيٌّ ؛ ممدود بين أَعماق الغيب إلى بدنه الشريف. وإِلى هذا أَشار بيان حديث الثقلين(4)، الوارد عن سيِّد الأَنبياء ’: «إِنِّي قد تركت فيكم الثقلين ما إِنْ تَمَسَّكْتُم بهما لن تضلُّوا بعدي ، وأَحدهما أَكبر من الآخر : كتاب اللَّـه حبل ممدود من السَّماء إِلى الأَرض ، وعترتي أَهل بيتي ، أَلَا وإِنَّهما لن يفترقا حتَّىٰ يردا عَلَيَّ الحوض»(5). بعد الإِلتفات : أَنَّ حقيقة القرآن الكريم الصَّاعدة ـ كما تقدَّم ـ هو: (روح القدس) ، وقد تقدَّم في بيانات الوحي : أَنَّه أَحد أَرواح أَهل البيت^ ، فيكون الحبل الَّذي أَشار إِليه بيانه ’ هذا ممدود من السَّماء وأَعماق عَالَم الغيب إِلى بدن الإِمام ×. وعليه : فالاثنينيَّة والتعدُّد الحاصل بين أَهل البيت ^ والقرآن الكريم هذا في حالة النزول ، لكنَّهما يصيرا شيئاً فارداً وحقيقة واحدة ـ وهو: (روح القدس أَي : الرُّوح الأَمري) ـ في المراتب الصَّاعدة ؛ ومن ثَمَّ صار الإِمام من أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم قرآناً ناطقاً. بعد الإِلتفات : أَنَّ المراد من معنىٰ كلمة : (حتَّىٰ) الواردة في بيان قوله’: «حتَّىٰ يردا عَلَيَّ الحوض» كسائرالمعارف الإِلٰهيَّة ليست الغاية والنهاية ، بل الوصول والإِستمرار. وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : 1ـ بيان قوله تعالىٰ : [لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ](6). أَي : يروا العذاب الأَليم ويستمرفي حقِّهم. 2ـ بيان قوله جلَّ قوله : [وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ](7)، فإِنَّه وإِن فُسِّر (اليقين) في هذا البيان الشَّريف بـ : (الموت) ، فإِنَّ العبادة تبقىٰ واجبة ولازمة على المخلوق اتِّجاه خالقه مُستمرَّة بعد الموت ولا نهاية لها ؛ لأَنَّ الدِّين والمداينة والعبادة عبارة عن العلاقة بين الخالق ـ المُسمَّىٰ ـ تقدَّس ذكره والمخلوق ، وهذه العلاقة تبقىٰ مستمرَّة ولا نهاية لها مع جملة المخلوقات وعبر كافَّة عوالم الخلقة والوجود والإِمكان. هكذا حال بيان قوله ’ : «وإِنَّهما ـ أَي : القرآن الكريم بطبقته وحقيقته الصَّاعدة ، والعترة الطَّاهرة : سائر أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم ـ لن يفترقا حتَّىٰ يردا عَلَيَّ الحوض» ؛ فإِنَّ هذا التقارن والتَّلازم ، بل الإِستلزام يبقىٰ حين الحوض وبعده ، ويستمر إِلى ما لا نهاية له. والنكتة : ما تقدَّم ؛ من أَنَّ (روح القدس ـ أَي : الرُّوح الأَمري ـ) هو أَحد أَرواح أَهل البيت ^ الصَّاعدة ولا تفارقهم أَبداً. فالتفت إِلى هذه النتف المعرفيَّة والعلميَّة واغتنم تربت يداك. الفارق بين أَهل البيت ^ وسائر الصحابة ومنه يتَّضح : أَحد الفوارق بين حقيقة : أَمير المؤمنين والزهراء والحسن والحسين (صلوات اللَّـه عليهم) من جهة ، و سائرالصحابة ... وتتمة البحث تاتي ( ان شاء الله تعالى ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) المصدر نفسه ، 25 : 62 ـ 63/ح41. بصائر الدرجات : 136. (2) الرعد : 31. (3) بحار الأَنوار ، 14 : 112 ـ 113/ح4. أُصول الكافي ، 1: 226. (4) ينبغي الالتفات : أَنَّ مفاد بيان حديث الثقلين في الأَصل قرآنيّ وفي عِدَّة سور ، كما ذكرت ذلك بيانات أَهل البيت ^. (5) بحار الأَنوار ، 23 : 106/ح7. (6) الشعراء : 201. (7) الحجر : 99.